الأحد، 12 يناير 2014

عواطف حائرة 6/6

عواطف حائرة 6/6
الأحد 11 / ربيع الأول /1435هـ
Al-muneef .s. m                     عواطف حائرة 6/6


كلمات الامير الشاعر / عبدالله الفيصل ....غناء أم كلثوم
ثورة الشك
وسوف نقف عند ما نستجلي به من النص توظيف كل من الهمس والجهر لإنتاج مزيد من دلالته .
فمن حيث دور الهمس في إنتاج دلالة المعنى ، يمكن أن نضرب مثلاً بمفردة ، تُعد من ركائز النص فنياً ونفسياً ، وهي : مفردة ( الشك ) وما يُشتق منها . إذ وردت في النص خمس مرات : مرتين في البيت الأول بصيغة المضارع (أَشُكُّ) ، وثلاثة مرات بصيغة المصدر : في البيت الثامن ( شك ) ، والعاشر وكذلك الثالث عشر ( الشك ) . والكلمة لُحمتها وسُداها حرفان مهموسان ، هما : الشين والكاف . الشين ( صوت لثوي حنكي احتكاكي مهموس ) ، والكاف ( صوت حنكي قصي انفجاري مهموس ) ، وقد جاء منبوراً بالتضعيف ، يعكس نبره وكونه قصياً ما يوحي بوجع داخلي . وربما يزيد من الإحساس بالأصوات المهموسة إيحاء بالألم المكتم ، أن ( الدراسات المختبرية الصوتية كشفت ، أن الأصوات المهموسة تنتج بجهد مضاعف ، وتحتاج إلى وقت أكثر من الأصوات المجهورة ، التي تنتج بجهد ووقت أقل ، لذا يكشف تجمع الأصوات المجهورة والمهموسة ، في أسطر القصيدة ، الخارطة الدلالية المرتبطة بالحالة النفسية التي يتولد في ظلها الخطاب ، وفقاً لمبدأ الوقت والجهد المتاحين للشاعر ، وقد يحاكي هذا التنوع نوعاً من الانفعالات والمضامين ، التي يريد الشاعر أن يثيرها ، أو تتسرب عبر النسيج الشعري مع تيار الدلالات الخفية ) . ولا يقل دور الأصوات 

المجهورة في نص الفيصل عن دور الأصوات المهموسة ، توظيفاً لإنتاج دلالة النص . ولنأخذ صوتاً كالنون ، كانت له غلبة الحضور في النص ، فهو صوت الروي في قافيتها ، وهو من الأصوات الغالبة في أبياتها ، إذ قد مثل حضوراً طاغياً في الأبيات : الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والعاشر وقبل الأخير والأخير على التوالي ، وكثر مجيئه منبوراً بالتضعيف في القافية ، ممدوداً بياء المتكلم ، ولم تخل بعض الكلمات في حشو الأبيات من ذلك .
و إذا عرفنا أن ( النون صوت أسناني لثوي أنفي مجهور ) ، أدركنا أنه من أصوات الوضوح السمعي ، وقد تعمد الشاعر – أو هداه حسه الملتاع – أن يجعله روياً في القافية ، التي ينتهي عندها موج النغم صاكاً سمع المتلقي ، ليعايش الشاعر أوجاعه في خصوصيتها ، التي عكسها المد بياء المتكلم ، وزاد حضورها بنبر النون وتنغيمه مضعفاً . وقد جعل الأصواتيون المحدثون مثل : النبر ، والتنغيم ، والتفخيم ... إلخ ، من السمات فوق التركيبية ، التي لها دور مهم في الإيحاء بالمعنى كشفاً عن انفعالات المبدع . فعلى ( حين أن النبر والتفخيم في اللغة العربية سمتان غير تميزيتين ( لا يغيران من دلالة المعنى ) ، ولكن هذه السمات التي هي غير تمييزية في اللغة ، يصبح لها تأثير مضاف ، وتسهم في توكيد الدلالات وزيادة الإيحاء ، وكشف مسارب الشعور والانفعالات ) .
ولقد أوحت الكلمات المنبورة من خلال صوت النون ، وهو صوت نحاسي رنان ، جاء بصحبة أصوات المد ، بأن ثمة مكتماً موجعاً ، ولعل ذلك يبدو من خلال تكنيك مهم الآن : هو تكنيك ( الإنشاد ) تمثيلاً للمعنى . ولعل هذا ما أبان عنه – إن صح هذا التمثيل – صوت أم كلثوم ، وهي تنشد – بإحساس من يراعي مخارج الألفاظ نبراً وتنغيماً – قصيدة ( عواطف حائرة ) أو ( ثورة الشك ) ، وبخاصة إذا عرفنا أن ( النبر الذي هو نشاط عضوي يؤدي إلى إنتاج كمية أكبر من الهواء الخارج من الرئتين ، لذلك يكون المقطع المنبور ( درجة علو الصوت ) أوضح من المقطع غير المنبور ، ويضم المقطع المنبور غالباً صوتاً صائتاً ( مركز الوضوح ) . وقد تحقق هذا كثيراً ، كما بينا من خلال اقتران النون بصائت طويل معول مثل ياء التي دلت على المتكلم ، ما أعطي إحساس أكثر بعواطف الشاعر الحائرة ، وثورة شكه .

رحم الله الأمير الشاعر عبدالله الفيصل ، ورحم الله كوكب الشرق أم كلثوم .

شاكر كل من لبى دعوة متقاعد للإحتفال بيوم اللغة العربية العالمي ..
وتذوق شموخ لغتنا العربية .. واستمتع بشعر الخيال وروعة الأسلوب ..
لا عتب .. لا لوم .. لكل من رفض تلبية الدعوة ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق