الخميس، 28 نوفمبر 2013

الاستبداد داء الشّرق دواؤه


  الاستبداد داء الشّرق دواؤه
الخميس 24 / محرم  /1435هـ
Al-muneef .s. m      طبائع الاستبداد .. ومصارع الاستعباد
كتاب أنصح بقراءته
يظهر لنا أنّ المحرِّرين السّياسيين من العرب قد كثروا، بدليل ما يظهر من منشوراتهم في الجرائد والمجلات في مواضع كثيرة . ولهذا، لاح لهذا العاجز أنْ أُذكّر حضراتهم على لسان بعض الجرائد العربية بموضوع هو أهمّ المباحث السّياسية ، وقلَّ من طرق بابه منهم إلى الآن ، فأدعوهم إلى ميدان المسابقة في خير خدمة ينيرون بها أفكار إخوانهم الشرقيين وينبِّهونهم ـ لاسيما العرب منهم ـ  لما هم عنه غافلون ، فيفيدونهم بالبحث والتّعليل وضرب الأمثال والتّحليل
 ما هو داء الشّرق وما هو دواؤه؟ .
ما هو الاستبداد؟ ما سببه؟ ما أعراضه؟ ما سيره؟ ما إنذاره؟ ما دواؤه؟
ما هي طبائع الاستبداد؟ لماذا يكون المستبدُّ شديد الخوف؟
لماذا يستولي الجبن على رعية المستبدّ؟ ما تأثير الاستبداد على الدّين؟
على العلم؟ على المجد؟ على المال؟ على الأخلاق؟ على التَّرقِّي؟
على التّربية؟ على العمران؟
مَنْ هم أعوان المستبدّ؟ هل يُتحمّل الاستبداد؟
كيف يكون التّخلص من الاستبداد؟ بماذا ينبغي استبدال الاستبداد؟
قبل الخوض في هذه المسائل يمكننا أن نشير إلى النّتائج التي تستقرُّ عندها أفكار الباحثين في هذا الموضوع ، وهي نتائج متَّحدة المدلول مختلفة التعبير على حسب اختلاف المشارب والأنظار في الباحثين ، وهي:
يقول المادي: الدّاء: القوة، والدّواء: المقاومة.
 ويقول السّياسي: الدّاء: استعباد البرية، والدّواء: استرداد الحرّيّة.
ويقول الحكيم: الدّاء: القدرة على الاعتساف، والدّواء: الاقتدار على الاستنصاف.
ويقول الحقوقي: الدّاء: تغلّب السّلطة على الشّريعة، والدّواء: تغليب الشّريعة على السّلطة .
ويقول الرّبّاني : الدّاء: مشاركة الله في الجبروت، والدّواء: توحيد الله حقّاً.
وهذه أقوال أهل النظر،
و أمّا أهل العزائم :
فيقول الأبيُّ : الدّاء: مدُّ الرّقاب للسلاسل، والدّواء: الشّموخ عن الذّل.
ويقول المتين : الدّاء: وجود الرّؤساء بلا زمام، والدّواء: ربطهم بالقيود الثّقال .
ويقول الحرّ: الدّاء: التّعالي على النّاس باطلاً، والدّواء: تذليل المتكبّرين.
ويقول المفادي : الدّاء: حبُّ الحياة، والدّواء: حبُّ الموت.     
الاستبداد : أعظم بلاء، يتعجَّل الله به الانتقام من عباده الخاملين، ولا يرفعه عنهم حتَّى يتوبوا توبة الأنفة. نعم؛ الاستبداد أعظم بلاء؛ لأنَّه وباء دائم بالفتن وجَدْبٌ مستمرٌّ بتعطيل الأعمال، وحريقٌ متواصلٌ بالسَّلب والغصْب، وسيْلٌ جارفٌ للعمران، وخوفٌ يقطع القلوب، وظلامٌ يعمي الأبصار، وألمٌ لا يفتر، وصائلٌ لا يرحم، وقصة سوء لا تنتهي. وإذا سأل سائلٌ:
لماذا يبتلي الله عبادَه بالمستبدِّين؟
فأبلغُ جواب مُسْكِت هو: إنَّ الله عادلٌ مطلقٌ لا يظلم أحداً، فلا يُولَّى المستبدّ إلا على المستبدِّين. ولو نظر السّائل نظرة الحكيم المدقِّق لوجد كُلَّ فرد من أُسراء الاستبداد مُستبدّاً في نفسه، لو قدر لجعل زوجته وعائلته وعشيرته وقومه والبشر كُلَّهم، حتَّى وربَّه الذي خلقَهُ تابعين لرأيه وأمره.
فالمستبدُّون يتولاهم مستبدّ، والأحرار يتولاهم الأحرار،
وهذا صريح معنى: «كما تكونوا يُولَّى عليكم»
كتاب / طبائع الاستبداد .. ومصارع الاستعباد
الرحالة كاف .. عبد الرحمن الكواكبي

دراسة وتحقيق .. الدّكتور محمّد جمال طحّان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق