السبت، 15 مارس 2014

العِشْقُ الدرجة الثامنة


السبت 14 / جمادى الأولى /1435هـ
Al-muneef .s. m                     العِشْقُ الدرجة الثامنة
فكل عشق يسمى حباً
وليس كل حب يسمى عشقاً
والمحبة جنس والعشق نوع منها
ألا ترى أن كل محبة شوق وليس كل شوق محبة
سامرتكم في مقال :
قل لي : بأي درجة من درجات الحُبُّ تقف الآن ..!
أبحرت بكم في مراكب الحب ووصف موجاته .. واليوم نبحر إلى الجزيرة الثامنة .. نتجول في أرجائها ونتعرف على تفاصيلها .
ثامناً – مرحلة العِشْقُ
العِشْقُ والمَعْشَقُ : عُجْبُ المُحِبِّ بمَحْبوبِه ، أو إفْراطُ الحُبِّ ،
ويكونُ في عَفافٍ ، عَمَى الحِسِّ عن إدْراكِ عُيوبِهِ .
سمي العاشِقُ عاشِقاً : لأَنه يَذْبُلُ من شدة الهوى كما تَذْبُل العَشَقَةُ ،   
العَشَقَةُ : شجرة تَخْضَرُّ ثم تَدِقُّ وتَصْفَرُّ .  
والعُشُقُ من الإِبل الذي يلزم طَرُوقَتَه ولا يَحنّ إِلى غيرها .
نسلط الضوء على الدرجة الثامنة من حيث وصف كلاً من :
كلمة العِشْقُ .. قلب العاشِقُ .. إحساس العاشِقُ .. روح العاشِقُ ..
أذن العاشِقُ .. عين العاشِقُ .. مرض العِشْقُ .. دواء العِشْقُ .     
وصف كلمة العِشْقُ :    
قال الجاحظ :
العِشْقُ اسم لما فضل عن المحبة .
وقال أعرابي :   
العِشْقُ خفي أن يرى .. وجلي أن يخفى .. فهو كامن ككمون النار
في الحجر إن قدحته أورى .. وإن تركته توارى .
سأل يحيى بن أكثم عن العِشْقُ ما هو ؟
فقال : هو سوانح تسنح للمرء .. فيهيم بها قلبه وتؤثرها نفسه .
وقال ثمامة :
العِشْقُ جليس ممتع .. وأليف مؤنس .. وصاحب ملك ..
مسالكه ضيقة .. ومذاهبه غامضة .. وأحكامه جائرة ..
ملك الأبدان وأرواحها والقلوب وخواطرها ..
والعيون ونواظرها .. والعقول وآراءها ..
وأعطي عنان طاعتها .. وقوة تصريفها ..
وتوارى عن الأبصار مدخله .. وخفي في القلوب مسلكه .
وصف قلب العاشِقُ : 
قلب العاشِقُ صحيفة بيضاء يسطر فيها ملاك الحب
كل ما يعلمه من أمر حبيبته ..   
هو مرآة مصقولة تتجلى على صفحاتها جميع صور
العواطف الصادقة الصحيحة من فرح وحزن وراحة وألم .  
لقلوب العشاق عيونا لا كعيون المبصرين ..
لكنها أنفذ بصراً وأقدر على استشفاف ما وراء الحجب من خفايا الأسرار ..
عين قلب العاشِقُ تمتاز بأنها إنما تنظر عن حقيقة فلا يوهمها ما يوهم عين
البصر من خدعة السراب .

قلوب العاشقين لها عيون …… ترى ما لا يراه الناظرونا .

وصف إحساس العاشِقُ :   
فهو لا ينظر إلا إلى ابتسامتها .. وحلاوة ملامحها .. ولطافة قوامها ..
فإذا غابت عنه التجأ إلى الطبيعة .. يبحث فيها عما فقده .. فيميل إلى
الزهرة المبتسمة فيقبلها .. لأنها شبيهة بابتسامة حبيبته ..
ويحدق في الأفاق الممتلئة بالسحب الهادئة عند بزوغ الشمس ..
من خلف أستارها .. أو من احتجابها عند الغروب .. تحت نقابها الشفاف ..   
لأنها تماثل جمال حبيبته عند لقائها ..   
ربما يكون العاشِقُ واهماً .. ولكن الحقيقة عنده هي ما يرى ويشعر .
وصف روح العاشِقُ : 
أرواح العاشقين لها لغة تخاطب .. و تفاهم عجيبة ..   
لا يعلم سرها إلا من عرف أسرار الغرام واشعر قلبه الحب ..   
فالعاشقين عصر الهوى قلوبهم وأكبادهم ..   
وأذاب أفئدتهم وإحساسهم .. فهم يعرفون رموز تلك اللغة ومفاتيحها ..
ويعرف كل منهم من أمر حبيبته مالم تتحدث به إليه ..   
لان للأرواح شأن قلما يعلمه الناس من شئون الأجساد ..   
ليس هناك ما يحجبها .. أو يحول بينها وبين الوصول إلى ما وراء الأستار ..
أو ما يتردد في زوايا الأفكار .
وصف أذن العاشق :   
العاشِقُ يصم عن كل شيء .. إلا سماع صوت الحبيبة ..
والتمتع بأجراس نغماتها .. الحلوة العذبة التي تعبر ..
عن غرام دفين متمكن من فؤادها .

وحبك الشيء يعمى عن قبائحه …… ويمنع الأذن أن تصغى إلى العذل .

وكذبت طرفي فيك والطرف صادق ....  وأسمعت أذني فيك ما ليس يسمع .

لاستيلاء سلطان المحبة :
يجعله أعمي عن رؤية معايب .. المحبوب فلا يبصر فيه عيباً .
لاستيلاء سلطان المحبة :
يجعله أصم عن سماع قبائح .. المحبوب فلا يسمع فيه قبيحاً .
وصف عين العاشِقُ :   
العاشِقُ لا يرى من حبيبته إلا ما يحبه .. أو هو يحب ما يراه منها ..
قد تكون بحبيبته عيب خلقي ظاهر في وجهها أو في قوامها ..
لكن الحبيب يراها جمالاً .. لان العاشِقُ .. لا يرى القبح والعيوب ..
وإنما يرى الجمال .

وعين الرضا عن كل عيب كليلة …… كما أن عين السخط تبدى المساويا .

 ويقبح من سواك الفعل عندي ……  فتفعله فيحسن منك ذاكا .

سلطان عشقه .. يعميه عن أن يبصر الحقيقة .. ويصمه عن أن يسمع الحقيقة ..
فالعاشق يتعصب لمعشوقه بالحق والباطل لاستيلاء سلطان المحبة على الفؤاد .
مرض العِشْقُ
وصف جالينوس المرض بقوله :   
العِشْقُ استحسان ينضاف إليه طمع .. والعِشْقُ من قِبَل النفس ..  
وهي كامنة في .. الدماغ .. والقلب .. والكبد.
والعاشِقُ يمتنع عن الطعام والشراب .. لاشتغال الكبد ..  
وعن النوم .. لاشتغال الدماغ بالتخيل وذكر المعشوق والتفكير فيه ..  
فتكون جميع مساكن النفس .. قد اشتغلت فيه.
فمتى لم تشتغل فيه وقت الفراق لم يكن عاشقاً .
دواء مرض العِشْقُ : 
أجمع الأطباء العرب المسلمون .. أن أفضل علاج لمرض العِشْقُ ..
هو الوصال بين العاشق والمعشوق .. بالجمع بينهما بالزواج الشرعي .  

محاورة بين شاعر مصاب بالعشق يبحث عن دواء لعشقه ..
ونصيحة شاعر أخطأ العلاج :
أيـا مـعشـر الـعـشـاق بـالله خـبروا …… إذا حـل عشـق بـالفتى ما يصنع؟
يـداري هــواه ..  ثـم يـكـتـم ســره …… ويخشـع في كل الأمور ويخضع
وكيف يـداري والهوى قـاتـل الفتى …… وفـي كل يـوم .. قـلـبـه يـتـقـطع
فـإن لم يجد .. صبراً لكتمان ســره …… فليس له ســوى .. الـمـوت ينفع
سـمعنا أطـعنا .. ثـم مـتنا فـبـلـغوا …… سـلامي لـمـن كان للـوصل يمنع

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق